تنهار الدول بكثرة المنجمين والأفاقين والمتفقهين والانتهازيين ًوتعم الإشاعة وتطول المناظرات، وتقصر البصيرة ويتشوش الفكر
ابن خلدون
لسنا كسالى
لسنا كسالى
كلمة ألمحرر
القرأءة طبياً
ما تقرأه هنا هو نتاج علم ومعرفة وخبرة لإيصال النصائح للمريض وللسليم على حد سواء، تتناقل بين الكُتًاب والقُراء كل على طريقة صياغته واسلوب شرحه. ومع ذلك، فستبقى غرفة الفحص والعلاقة بين المريض والطبيب المعالج، هي المكان الافضل لمثل هذه التبادلية.
اقد تحولنا في جورداتا من com. إلى net. لتعكس لاتجارية الموقع. يستطيع كل الاعضاء إستعمال نفس كلمة السر والكنية من الموقع السابق للدخول.
مع تحيات أسرة التحرير.
لسنا كسالى -- ضمن قسم : ثقافة
:- المحرر في يوم 11-06-2020
ألساعة:23:23 -عمان
اتضح أننا لسنا مُبرمجين من الناحية البيولوجية لبذل أقل قدر ممكن من الجهد، وهو أمر ربما يكون قد بدا واضحا لكل منّا خلال فترة الإغلاق الحالية . قد تكون ممن شاهدوا فيلما قصيرا بثه مكتب حاكم ولاية كاليفورنيا الأمريكية على شبكة الإنترنت، ويظهر فيه الكوميديان لاري ديفيد، وهو يحض الناس بأسلوبه التهكمي المُميز، على الامتثال للإرشادات والتعليمات الرسمية الصادرة لهم، لحمايتهم من الإصابة بفيروس كورونا، ومن بينها البقاء في المنازل.
ويخاطب ديفيد مشاهديه في الفيلم قائلا: "ما بالكم أيها الحمقى، إنكم تهدرون فرصة رائعة للجلوس في مقاعدكم الوثيرة ومشاهدة التليفزيون طيلة اليوم!".
لعل هذا ما يجعل الأزمة الحالية مختلفة عن سواها. فقد اعتدنا من قبل، أن نتلقى تحذيرات وتوجيهات صحية، تحثنا على فعل أشياء لا نشعر من الأصل بالرغبة الشديدة في القيام بها؛ من قبيل ممارسة التدريبات الرياضية لوقت أطول، أو زيادة محتويات وجباتنا الغذائية من الفواكه والخضروات. أما الآن، تبدو النصائح الرسمية الموجهة إلينا – وبشكل نادر من نوعه - أيسر في ما يتعلق بإمكانية الاستجابة لها؛ فهي لا تتجاوز الاستلقاء على الأريكة ومشاهدة التليفزيون بإفراط، والبقاء في المنزل، وهي كلها أشياء يُفترض أن تروق للجانب الذي ينزع للكسل، داخل كل منّا.
لكن الأمر ليس بهذه البساطة في الواقع، وربما تكون قد أدركت أنت شخصيا ذلك بالفعل، بعد مرور بضعة أسابيع على تطبيق إجراءات الإغلاق الكامل. فقد تبين أننا لسنا مُبرمجين من الناحية البيولوجية، للقيام بأقل قدر ممكن من الجهد. ففي واقع الأمر، يشعر المرء بانتعاش كلما مارس نشاطا أكبر، أو حقق - على الأقل - توازنا صحيا بين انهماكه في العمل وقدرته على نيل الراحة الكافية في الوقت نفسه.
لا ينفي ذلك بالمناسبة، حقيقة أننا غالبا ما نفضل الخيارات الأكثر سهولة، والمضي على المسار الذي نلقى فيه صعوبات أقل، واتخاذ طرق مختصرة لتحقيق النجاح. فلو كان لديك جهاز تحكم عن بعد مثلا؛ لِمَ تكبد نفسك عناء النهوض من على أريكتك لتغيير محطات التليفزيون بنفسك؟ وهل من سبب يحدوك لأن تذهب إلى السوبر ماركت على دراجتك إذا كانت لديك سيارة؟ وما الذي يمنعك من الاكتفاء ببذل نصف الجهد الذي يبذله زميلك في العمل، طالما أن ذلك لن يؤثر عليك سلبا بأي شكل من الأشكال؟
فلا شك في أن ممارسة أي عمل أو القيام بأي جهد، ينطوي على إجهاد بدني أو ذهني، وهو ما يجعل من المنطقي أن يسعى كل منّا، لتجنب هذا العناء قدر الإمكان. وفي بعض الأوقات، نفعل ذلك دون زيادة أو نقصان، وهو ما يُعرف أحيانا باسم "مبدأ بذل أقل قدر ممكن من الجهد"، والمعروف عربياً باسم "قانون زيف"، وهو القانون الذي قد تحسب أن أحدا لم يشعر قط بأي ميلٍ لانتهاكه، لكن المفاجأة تتمثل في أننا ننتهكه بالفعل طوال الوقت.