تنهار الدول بكثرة المنجمين والأفاقين والمتفقهين والانتهازيين ًوتعم الإشاعة وتطول المناظرات، وتقصر البصيرة ويتشوش الفكر
ابن خلدون
التباعد المتقطع لا حلا غيره
التباعد المتقطع لا حلا غيره
كلمة ألمحرر
القرأءة طبياً
ما تقرأه هنا هو نتاج علم ومعرفة وخبرة لإيصال النصائح للمريض وللسليم على حد سواء، تتناقل بين الكُتًاب والقُراء كل على طريقة صياغته واسلوب شرحه. ومع ذلك، فستبقى غرفة الفحص والعلاقة بين المريض والطبيب المعالج، هي المكان الافضل لمثل هذه التبادلية.
اقد تحولنا في جورداتا من com. إلى net. لتعكس لاتجارية الموقع. يستطيع كل الاعضاء إستعمال نفس كلمة السر والكنية من الموقع السابق للدخول.
مع تحيات أسرة التحرير.
التباعد المتقطع لا حلا غيره -- ضمن قسم : باطني
:- المحرر في يوم 17-04-2020
ألساعة:12:23 -عمان
صدرت مؤخراً تحذيرات من موجة ثانية من تفشي فيروس كورونا المستجد كوفيد-19، في وقت قالت فيه دراسة جديدة إن أميركا قد تحتاج إلى استمرار إجراءات التباعد الاجتماعي حتى عام 2022 للسيطرة على الفيروس، وتمارس الحكومات في جميع أنحاء العالم إستراتيجية استئناف النشاط، التي ستكون تدريجية بالضرورة، لتجنب موجة ثانية من الوباء أكثر فتكا من الأولى. وسجلت العديد من الدول نتائج إيجابية في التحكم بالفيروس والسيطرة على انتشاره، مثل الصين وكوريا الجنوبية،
ولكن المخاوف تتصاعد من أن يؤدي إيقاف الحجر المنزلي وتخفيف القيود على الحركة إلى إطلاق موجة ثانية من فيروس كورونا. وحتى اليوم الخميس تجاوز عدد إصابات كورونا مليونين و100 ألف، وتجاوز عدد الوفيات 136 ألفا.
هذه المخاوف عبّرت عنها بوضوح منظمة الصحة العالمية، إذ حذرت يوم الاثنين من أن فيروس كورونا المستجد أكثر فتكا بعشر مرات من الفيروس المسبب لإنفلونزا "أتش1أن1" الذي ظهر في مارس/آذار 2009، داعية إلى رفع الحجر المنزلي "ببطء".
وحذر مدير فرع أوروبا في منظمة الصحة العالمية اليوم الخميس من أن القارة العجوز تبقى "في عين الإعصار" فيما يتصل بتفشي فيروس كورونا، على الرغم من "مؤشرات مشجعة" في بعض الدول.
وقال هانز كلوغ في مؤتمر صحافي عبر الإنترنت عقده في كوبنهاغن، إنه رغم "رصد مؤشرات مشجعة في الأسابيع الأخيرة على صعيد الأرقام (..) في إسبانيا وإيطاليا وألمانيا وفرنسا وسويسرا (..)، فإن عدد الحالات المعلنة خلال الأيام العشرة الأخيرة في أوروبا تضاعف تقريبا ليقارب المليون".
وأضاف أن "المؤشرات الإيجابية الضئيلة المسجلة في بعض الدول تقابلها أعداد مستقرة أو متزايدة في دول أخرى مثل المملكة المتحدة وتركيا وأوكرانيا وروسيا البيضاء وروسيا الاتحادية".
ولفت إلى أن "حوالي 50% (من الإصابات) بكوفيد-19" مسجلة حاليا في أوروبا. وقد أودى وباء كوفيد-19 بحياة أكثر من 90 ألف شخص في القارة الأوروبية، أي أكثر من 65% من الوفيات في العالم، بحسب حصيلة لوكالة فرانس برس استنادا إلى مصادر رسمية.
وحض فرع أوروبا لمنظمة الصحة العالمية جميع الدول على "عدم التراخي" والتثبت من أن الفيروس تحت السيطرة قبل رفع القيود.
في كندا أكد رئيس الوزراء جاستين ترودو يوم الأربعاء على ضرورة استمرار الإغلاق الجزئي للاقتصاد لأسابيع أخرى للسيطرة على فيروس كورونا.
وفي تحذير شديد من أمام مقر إقامته في أوتاوا، أوضح ترودو أن بلاده لا تزال تواجه الموجة الأولى من جائحة كورونا، قائلا إن تخفيف الضوابط بسرعة كبيرة قد يعني أن البلد يتخلى عن المكاسب التي حققتها، وقد يتسبب ذلك في أضرار اقتصادية أكبر مما تسبب فيه الوباء بالفعل.
وأضاف "مع حلول فصل الربيع، ينظر الناس إلى الخارج ويرغبون في الخروج وأن ينتهي هذا الأمر، أفهم ذلك.. ستمر أسابيع أكثر قبل أن نتمكن من التفكير بجدية في تخفيف القيود".
وفي باكستان أعلن رئيس الوزراء عمران خان أن القيود المفروضة في إطار مكافحة جائحة كورونا ستستمر لأسبوعين آخرين.
وذكر خان في تصريحات أدلى بها عقب اجتماع لجنة التنسيق الوطنية، الثلاثاء، أن القرارات المتخذة في مكافحة الوباء نُفذت إلى حد كبير وانخفض معدل انتشار الفيروس إلى 30%.
وأعلن أن القيود التي فرضت لمدة شهر واحد، منذ 13 مارس/آذار الماضي، على التعليم والتجارة والسفر، مُدّدت لمدة أسبوعين آخرين.
وأكد خان ضرورة مواصلة اتباع المواطنين قواعد العزل والتباعد الاجتماعي، منعا لحدوث موجة ثانية من انتشار الوباء.
واستبعدت أستراليا ونيوزيلندا الثلاثاء فكرة تخفيف القيود على التدابير المتخذة لمكافحة كوفيد-19، رغم أن البلدين شهدا انخفاضا ملحوظا في عدد الإصابات الجديدة.
وأكد رئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون أن بلاده على بعد "عدة أسابيع" من تخفيف التدابير لوقف انتشار الوباء. وقال "يجب أن نتحلى بفضيلة الصبر"، مشيرا إلى دول مثل سنغافورة التي تواجه موجة ثانية من الإصابات.
وقالت رئيسة الوزراء النيوزيلندية جاسيندا أرديرن للصحفيين في ردها على سؤال عما إذا كان سيتم رفع الحجز، "لقد حققنا نجاحات.. لا أريد أن أفسد هذه النجاحات أو التضحيات التي قدمها النيوزيلنديون".
وأوضحت "يجب أن يكون هدفنا الضرب بسرعة وبقوة كي نتمكن من الوصول إلى النقطة التي يمكننا فيها تخفيف القيود بثقة"، لافتة إلى أنه لن يتغير شيء لمدة أسبوع على الأقل.
وأغلق البلدان حدودهما أمام الأجانب، وفرضا الحجر الصحي لمدة 14 يوما على السكان عند عودتهم. كما أمرت نيوزيلندا بالالتزام الصارم بالعزل المنزلي، بينما قيدت أستراليا السفر والتجمع والأنشطة العامة.
الأسوأ
وفي الولايات المتحدة، قال حاكم نيويورك أندرو كومو "لقد مرّ الأسوأ"، على الرغم من أن الولاية سجلت 10 آلاف وفاة جراء الوباء. وقال كومو "نحن في طور السيطرة على تفشي" الفيروس، مضيفا أن إعادة فتح الحياة الاجتماعية والاقتصادية ينبغي أن تتم "بعناية وبطء وذكاء".
وحث كومو سكان نيويورك على الاستمرار في اتباع إرشادات التباعد الاجتماعي، قائلا إن "يومين أو ثلاثة أيام من السلوك المتهور" يمكن أن تعيد الحرب على الوباء لنقطة البداية. ووفقا لأحدث التقديرات، فإن الولايات المتحدة تتوقع أن تتسبب الموجة الأولى من وباء كوفيد-19 في وفاة حوالي 70 ألف شخص على أراضيها.
أما في بريطانيا، فأعلن وزير الخارجية دومينيك راب أن بلاده لم تتخط بعد مرحلة ذروة تفشي فيروس كورونا، مستبعدا في الوقت ذاته أن يتم رفع حالة الإغلاق المفروضة في البلاد في هذه المرحلة الراهنة. وقال راب إن "رفع القيود مبكرا يهدد بعودة موجة ثانية من الإصابة بالفيروس"، مؤكدا أن الحكومة "لن تقوم بأي تغييرات حتى تتأكد أنها ستكون آمنة".
وقال باحثون في كلية الصحة العامة بجامعة هارفارد إن الولايات المتحدة ربما تحتاج إلى تحمل إجراءات التباعد الاجتماعي -مثل أوامر البقاء في المنزل وإغلاق المدارس- التي تبنتها أثناء تفشي جائحة فيروس كورونا حتى عام 2022.
وأضاف الباحثون في نتائج نشروها يوم الثلاثاء في دورية ساينس العلمية "التباعد المتقطع قد يكون مطلوبا حتى 2022 ما لم تزد طاقة الرعاية بدرجة كبيرة أو يتم توفر مصل أو علاج".
ويتوافق ما كتبه الباحثون مع تصريح لمدير منظمة الصحة العالمية تديروس أدهانوم غيبريسوس قال فيه "في نهاية المطاف، سيكون من الضروري التوصل إلى لقاح دائم وفعال وتوزيعه لوقف انتشار العدوى بشكل كامل".
وكتب الباحثون، مستشهدين بكوريا الجنوبية وسنغافورة، يقولون إن التباعد الفعّال يمكن أن يخفض الضغوط على أنظمة الرعاية الصحية، ويمكّن من رصد المخالطين، ويسهل إجراءات الحجر الصحي.
وأقرت الدراسة بأن إطالة أمد التباعد سيكون له على الأرجح تداعيات سلبية اقتصاديا واجتماعيا وتعليميا.
وكتب الباحثون "من الضروري فهم مستقبل انتقال مرض كوفيد-19"، واستخدموا تقديرات موسمية ومناعية بشأن نوع من فيروسات كورونا تعرف باسم "بيتا كورونا فيروس أتش كي يو 1" و"أو سي 43" (betacoronaviruses OC43) و(HKU1) من بيانات زمنية من الولايات المتحدة للحصول على نموذج لانتقال مرض كوفيد-19.
وقال الباحثون إنهم توصلوا إلى أنه على الأرجح ستحدث عودة لتفشي فيروس كوفيد-19 في فصل الشتاء بعد موجة الجائحة الأولية (الحالية) الأكثر حدة.
وأضاف الباحثون أن من شأن التدخلات الإضافية، بما في ذلك توسيع قدرة استيعاب وحدات الرعاية الحرجة وتوفير علاج فعال، أن تحسّن نجاح سياسة التباعد الاجتماعي المتقطع، وتعجّل اكتساب مناعة القطيع.
ويقصد بالتباعد الاجتماعي المتقطع تفعيل إجراءات التباعد الاجتماعي عندما يرتفع معدل انتشار العدوى فوق حد معين، ثم إيقافها عند انخفاضه، بهدف الحفاظ على عدد قليل من المرضى الذين يدخلون وحدة الرعاية الحرجة، وبالتالي لا يحدث إجهاد أو انهيار للنظام الصحي.
وتشير توقعات فريق هارفارد أيضا إلى أن الفيروس سيعود سريعا للتفشي إلى حد ما بمجرد رفع القيود.
هذا يعني أن على دول العالم عدم التراخي، وقد يكون المطلوب هو وضع سياسات لدمج التباعد الاجتماعي في سلوك المجتمع، مثل توزيع أيام الدوام الأسبوعية، مثلا يوم أو يومان تداوم فيهما المؤسسات التكنولوجية، ويوم مثلا للمؤسسات التجارية.. إلخ، بطريقة تحافظ على سياسة التباعد الاجتماعي، وفي الوقت نفسه لا تؤدي إلى انهيار الاقتصاد. ويبدو أن هذا ما يعمل عليه الخبراء في أميركا حاليا، إذ صرح الرئيس الأميركي دونالد ترامب، خلال مؤتمره الصحفي الثلاثاء الماضي في البيت الأبيض حول تطوّرات الوباء في الولايات المتحدة، بأن تدابير الإغلاق قد تلغى "قريبا جدا" في أنحاء واسعة من البلاد، مؤكدا أنه يرى "نهاية النفق".