تنهار الدول بكثرة المنجمين والأفاقين والمتفقهين والانتهازيين ًوتعم الإشاعة وتطول المناظرات، وتقصر البصيرة ويتشوش الفكر
ابن خلدون
عالم من الالوان الخفية
عالم من الالوان الخفية
كلمة ألمحرر
القرأءة طبياً
ما تقرأه هنا هو نتاج علم ومعرفة وخبرة لإيصال النصائح للمريض وللسليم على حد سواء، تتناقل بين الكُتًاب والقُراء كل على طريقة صياغته واسلوب شرحه. ومع ذلك، فستبقى غرفة الفحص والعلاقة بين المريض والطبيب المعالج، هي المكان الافضل لمثل هذه التبادلية.
اقد تحولنا في جورداتا من com. إلى net. لتعكس لاتجارية الموقع. يستطيع كل الاعضاء إستعمال نفس كلمة السر والكنية من الموقع السابق للدخول.
مع تحيات أسرة التحرير.
عالم من الالوان الخفية -- ضمن قسم : أم وطفل
:- المحرر في يوم 04-04-2016
ألساعة:14:03 -عمان
بعض النساء لديهن أعين شديدة الحساسية، ما يجعل بوسعهن رؤية العالم في أشكال لا يتسنى لغالبيتنا. قبل بضعة أعوام، اكتشفت الفنانة كونشيتا أنتيكو أن لديها طفرة جينية، منحتها القدرة على تمييز فائق للألوان، ليصبح بوسعها رؤية طيفٍ من الألوان المتمايزة عن بعضها البعض عند النظر لشيء ما، لا يبدو في نظرنا سوى بلون واحد فحسب. وكما قالت لبي بي سي في عام 2014، فإنه حتى أكثر الحصى انعداما للون على قارعة الطريق، تومض في عينيها كما لو كانت لوحة متعددة الألوان. وأضافت: "تبرز أمامي الحجارة الصغيرة بألوان برتقالية، وصفراء، وخضراء، وزرقاء، وكذلك وردية. أُصدم نوعا ما عندما أدرك أن ما أراه لا يراه الآخرون".
وكما تقول أنتيكو؛ فإن ورقة شجر عادية خضراء اللون ليس إلا قد تنبض بدرجات متألقة من اللون الأحمر، كما أن حبات البندورة تبدو لعينيّ هذه المرأة لوحة ألوان؛ متعددة الدرجات.
وهكذا فكما يعجز الشخص المصاب بعمى ألوان، عن تصور وجود هذا التنوع في الدرجات اللونية للونين الأحمر والأخضر، ذاك الذي يستطيع معظم الناس رؤيته، فإن غالبيتنا قد يفتقرون للقدرة على تخيل قوس قزح الألوان الذي تصفه تلك الرسامة.
لطالما كان معروفا أن وجود أشخاصٍ مثل أنتيكو ينعمون بقدرات استثنائية في الإبصار، هو أمر ممكن من الوجهة النظرية، وذلك بفعل اختلاف غير معتاد في تركيب أعينهم، عن تركيب أعين الأشخاص العاديين.
فليتخيل المرء – أولا - أن شبكية العين ما هي إلا ضرب من الفسيفساء، التي تتألف من أنواع مختلفة من الخلايا الحساسة للضوء تُعرف باسم الخلايا المخروطية.
ولدى غالبيتنا؛ ثلاثة أنواع من تلك الخلايا، وهي مُعدة للتعامل مع ثلاث مجموعات مختلفة من الأطوال الموجية (وهو ما يجعل لدى كل منّا ما يُعرف برؤية ذات أبعاد لونية ثلاثية).
ولدى رؤيتنا لمنظر ما، تُنشّط الأضواء المنعكسة من كل جزء فيه تلك الخلايا بدرجات مختلفة. ويتحدد اللون الذي نراه لكل من هذه الأجزاء، وفقا للتركيبة الدقيقة من الإشارات التي تتلقاها منه الخلايا المخروطية للعين.
غير أن لدى بعض النساء رؤية ذات أبعاد لونية رباعية. فبفضل تحوريّن جينييّن مختلفيّن في كل من صبغيّ (كروموسوميّ) "إكس" الموجود لدى كل امرأة في العالم، يحظى هؤلاء بأربعة أنواع من الخلايا المخروطية، ما يزيد تركيبة الألوان التي يتسنى لهن القدرة على رؤيتها.
اللافت أن هذا التحور ليس شديد الندرة (فرغم أن التقديرات الخاصة بمدى انتشاره تتفاوت، وتعتمد على خلفية كل شخص وصفاته الوراثية، فإن نسبة هذا الانتشار قد تصل إلى 47 في المئة بين النساء المنحدرات من أصول أوروبية). هنا ظهرت أنتيكو، لتجتاز سلسلة اختبارات، أظهرت أن قدراتها البصرية مختلفة. كما أثبتت الدراسات أن ما تحظى به من "رؤية ذات أبعاد لونية رباعية" تعزز قدراتها على الرؤية في ظل الإضاءة المنخفضة، وهو ما يمكنها من رؤية مشاهد حية وزاهية بشكل مذهل في وقت الغسق على سبيل المثال.
وفي هذا الصدد، يمكن الاستعانة برأي كيمبرلي جيمسون من جامعة كاليفورنيا – إرفاين، والتي درست حالة أنتيكو بشكل مكثف؛ إذ تقول جيمسون: "يوجد احتمال يتمثل في أن المرء بحاجة لأن يتدرب في سن مبكر على الاستفادة من الإشارة" الخاصة بـ"الرؤية ذات الأبعاد اللونية الرباعية" التي يتلقاها.
ولعلنا نتذكر هنا أن أنتيكو رسامة، أولت اهتماما كبيرا لرصد وتمييز الاختلافات الطفيفة بين درجات اللون الواحد، طيلة حياتها بالكامل تقريبا. وتقول هذه السيدة عن نفسها: "كنت مهووسة تماما، وكنت أريد دوما تجسيد كل ما يمكنني رؤيته".
وربما تكون مثل هذه التجارب المكثفة قد اضطلعت بدور جوهري لإعداد المخ من الناحية العصبية، لكي يتسنى له الاستفادة من الإشارات الإضافية التي تتلقاها عيناها.
وللتعرف على مزيد من المعلومات في هذا الشأن، تضافرت جهود جيمسون مع جهود أليسا وينكلر من جامعة نيفادا – رينو، لمقارنة القدرات البصرية التي تتمتع بها أنتيكو بنظيراتها لدى مجموعة من السيدات الأخريات، من بينهن واحدة تحظى بـ"رؤية ذات أبعاد لونية رباعية" غير أنها لا تعمل رسامة، وأخرى رسامة بالفعل لكنها ذات قدرات بصرية عادية.
واستهدفت التجارب اختبار حساسية أعين المشاركات إزاء مستويات مختلفة من " شدة الإنارة!" في وجود أطوال موجية بعينها من الضوء. ولكن في ظل الخلايا المخروطية الإضافية التي تتمتع بها أنتيكو كان من البديهي أن تكون لديها القدرة على الحصول على قدر أكبر من الضوء، وهو ما يعني أن بمقدورها رؤية الفروق الطفيفة للغاية الخاصة بمدى سطوع ألوان معينة.
أتاحت التجارب التي أجرتها جيمسون الفرصة لها لبلورة نموذج يحاكي القدرات البصرية التي تحظى بها أنتيكو. وتكشف النقاط السوداء عن المناطق التي تتأثر بقدرات الخلايا المخروطية الإضافية لدى أنتيكو.