الحرية هي القدرة على الاختيار ًومسؤوليتك عن إختيارك
شيشرون
سرطان الثدي لدى الرجال
سرطان الثدي لدى الرجال
كلمة ألمحرر
القرأءة طبياً
ما تقرأه هنا هو نتاج علم ومعرفة وخبرة لإيصال النصائح للمريض وللسليم على حد سواء، تتناقل بين الكُتًاب والقُراء كل على طريقة صياغته واسلوب شرحه. ومع ذلك، فستبقى غرفة الفحص والعلاقة بين المريض والطبيب المعالج، هي المكان الافضل لمثل هذه التبادلية.
اقد تحولنا في جورداتا من com. إلى net. لتعكس لاتجارية الموقع. يستطيع كل الاعضاء إستعمال نفس كلمة السر والكنية من الموقع السابق للدخول.
مع تحيات أسرة التحرير.
سرطان الثدي لدى الرجال -- ضمن قسم : ألأورام
:- المحرر في يوم 02-02-2020
ألساعة:17:05 -عمان
يرتبط حدوث خلل في جينات معينة غالبا بإصابة النساء بمرض سرطان الثدي، لكن الخلل في نفس تلك الجينات يمكن أيضا أن يؤدي إلى تعرض الرجال لمخاطر أخرى. المعروف أن الجينيْن المعروفيْن باسميْ BRCA1 و BRCA2 يتوليان تثبيط الأورام ومعالجة أي خلل قد يحدث بشكل طبيعي داخل الحمض النووي "دي إن آيه" للإنسان. وعندما يختل عملهما، تزيد فرص حدوث تحورات أو طفرات جينية، مما يقود للإصابة بالسرطان.
ورغم أن خطر حدوث تحورات في جينيْ BRCA1 و BRCA2 يهدد الرجال والنساء على حد سواء وبنسبة متساوية كذلك، فإن فرص إجراء فحص للرجال للتحقق من إصابتهم بتلك الطفرات تبلغ عُشْرَ نظيرتها المتاحة للنساء. ويتمثل أحد الأسباب المحتملة لذلك، في اعتقاد خاطئ سائد مفاده بأن هذين الجينيْن مرادفان لسرطان الثدي، في وقت لا يصدق فيه الكثير من الرجال أن لديهم أنسجة ثدي من الأصل.
لا يخلو هذا الاعتقاد - رغم عدم صحته - من وجاهة ما. فأنسجة الثدي في جسم الرجل أقل من نظيرتها لدى المرأة، وهو ما يعني أن الرجال يواجهون خطرا أقل على صعيد إمكانية الإصابة بسرطان الثدي، حتى إن كانوا يعانون من خلل أو تحور في جين BRCA2. رغم ذلك، يُعرّضهم وجود خلل من هذا القبيل لمخاطر أخرى.
أول هذه المخاطر هو ما يُحدق ببنات من يعانون من هذا الخلل الجيني، لا سيما أن فرصة انتقاله من الآباء إلى بناتهم مساوية تماما لانتقاله لهن من أمهاتهن. وفي حالة حدوث ذلك، تتعرض الفتيات لخطر الإصابة بسرطان الثدي بحلول سن 70 عاما بنسبة تتراوح ما بين 50 إلى 85 في المئة.
وتقول جولي راني نانجيا، مديرة عيادة الوقاية من السرطان والأمراض شديدة الخطورة في كلية بايلور للطب بمدينة هيوستن الأمريكية: "إذا تم تشجيع عدد أكبر من الرجال على إجراء الفحوص اللازمة في هذا الشأن، سيساعد ذلك النساء (اللواتي تربطهن بهن صلة قرابة) على اتخاذ إجراءات وقائية، مثل الخضوع للفحص بشكل منتظم، إذا كُنّ يعانين من ذلك التحور الجيني".
ولا تقتصر المخاطر التي تهدد الرجال المصابين بهذه الطفرة الجينية على إمكانية انتقالها إلى بناتهم. فخطر إصابة هؤلاء الرجال بسرطان البروستاتا يزيد بواقع الضعف مقارنة بأقرانهم الذين لا يواجهون هذه المشكلة الجينية، وفقا لنتائج دراسة حديثة.
وفي واقع الأمر، يعاني 12 في المئة من الرجال المصابين بسرطان البروستاتا النقيلي، من تحور ما في أي من جينيْ BRCA1 وBRCA2. فضلا عن ذلك، غالبا ما يتسم سرطان البروستاتا الذي يصاب به من يعانون خللا في جين BRCA2، بأنه أكثر شراسة بكثير من نظيره الذي يصيب الرجال الذين لا يواجهون ذلك الخلل الجيني.
ويقول ستيفن نارود، أخصائي علاج الأورام، ورئيس وحدة الأبحاث المتعلقة بسرطان الثدي وفرص انتقاله بين أفراد الأسرة الواحدة في جامعة تورنتو: "أعتقد أنه يتوجب علينا فحص المصابين بسرطان البروستاتا، لاكتشاف ما إذا كانوا يعانون من طفرات جينية من عدمه، وذلك لتجنب احتمالية أن يتبنى الجراحون المسؤولون عن التعامل مع حالاتهم نهجا في العلاج، يقوم على الترقب والانتظار دون اتخاذ إجراءات فعالة. لا ينبغي أن يتعامل الجراح بشكل متحفظ مع سرطان البروستاتا، إذا كان المصاب به يعاني من تحور في أحد جينيْ BRCA1 وBRCA2".
ولعل البيانات المتوافرة تعزز أهمية التعامل السريع مع المرض في هذه الحالة، إذ تفيد بأن نحو 61 في المئة ممن يجمعون بين سرطان البروستاتا والطفرات في أحد جينيْ BRCA1 وBRCA2، يفارقون الحياة خلال خمس سنوات من لحظة تشخيص الإصابة بالسرطان.
المشكلة أنه لا يتسنى لكل المصابين بسرطان البروستاتا بأنواعه المختلفة، البقاء طيلة هذه السنوات الخمس على قيد الحياة. ويرتبط ذلك بمدى التقدم الطبي في الدولة التي يعيشون فيها. فنسبة من ينعمون بتلك الفرصة في المملكة المتحدة مثلا تبلغ 84 في المئة، بينما تقترب في الولايات المتحدة من 99 في المئة.
رغم ذلك، ربما يمكن القول إن المصابين بسرطان البروستاتا، ممن يعانون من خلل في جين BRCA2، أكثر حظا من سواهم، بالنظر إلى أنه يمكن للأطباء أن يتبعوا معهم أساليب علاجية أكثر فاعلية، من تلك التي يتلقاها نظراؤهم ممن لا يحمل حمضهم النووي هذا الخلل الجيني. كما أن تناولهم للعقاقير الدوائية، التي تستهدف تدمير الأورام السرطانية التي نجمت عن تلك الطفرات الجينية على وجه الخصوص، يمكن أن يحقق نتائج إيجابية بشكل أكبر، إذا جرى في مرحلة مبكرة من المرض.
ومن شأن نجاحنا في التعرف على هوية من يعانون من مثل هذه الطفرات الجينية، منح هؤلاء الأشخاص الفرصة لإجراء فحوص واختبارات منتظمة، بهدف رصد أي مؤشرات مبكرة لتكوّن أورام سرطانية.
وتدعو روزاليند إليز، خبيرة في الأمراض السرطانية الوراثية في معهد أبحاث السرطان في لندن، إلى إجراء تحليل دم دوري لكل الرجال الذين يعانون من طفرة في جين BRCA2، ممن تزيد أعمارهم على أربعين عاما. وقد سبق أن أشرفت إليز على الدراسة التي أشرنا إليها سابقا، بشأن زيادة خطر إصابة، من يعانون من ذلك الخلل الجيني، بسرطان البروستاتا.
ومن الممكن أن يتم من خلال تحليل الدم هذا، اكتشاف ما إذا كان هناك ارتفاع في مستوى بروتين، يُطلق عليه اسم "المستضد البروستاتي النوعي". فارتفاع مستوى هذا البروتين، قد يشير إلى وجود شيء ما، على غير ما يرام في البروستاتا. وفي المعتاد، يمكن أن ينجم ذلك الارتفاع عن عوامل عدة، من بينها الإصابة بالتهابات المسالك البولية مثلا، لكن تزامن حدوثه مع وجود خلل في جين BRCA2، يجعله أكثر ارتباطا، بإمكانية الإصابة بالسرطان. ويعني ذلك أن تحليل الدم في تلك الحالة، سيشكل وسيلة فعالة لرصد أي أورام سرطانية في طور النمو.
وتقول إليز: "تفيد البيانات التي جمعناها، بأنه من الضروري أن يُمنح الرجال الذين يعانون من طفرات في جين BRCA2 الفرصة لإجراء تحليل دم سنوي، للتعرف على مستوى بروتين 'المستضد البروستاتي النوعي ' لديهم، وذلك لتحديد ما إذا كانوا بحاجة للخضوع لتصوير مقطعي بالرنين المغناطيسي ولأخذ عينة من نسيج البروستاتا لفحصه، أم لا".
وتضيف: "نأمل في أن تضع لجنة الإرشادات التابعة للرابطة الأوروبية لأمراض المسالك البولية هذا الأمر في الحسبان، كي يتسنى لها وضع توصية إرشادية (ملائمة للتعامل مع ذلك الوضع) بعد دراسة البيانات التي توصلنا إليها".
ففي المملكة المتحدة على سبيل المثال، لا تزال الإرشادات المتعلقة بإجراء الاختبارات الجينية، توصي بأن يقتصر الخضوع للفحوص الرامية لتحديد ما إذا كان المرء يعاني من تحورات في جين BRCA2 من عدمه، على أفراد العائلات ذات التاريخ المرضي المتعلق بالإصابة بسرطان الثدي أو المبيض أو البروستاتا.
أما في الولايات المتحدة، فتوصي الإرشادات الخاصة بالاختبارات نفسها، بألا يُجرى هذا الفحص إلا عندما يكون "التاريخ المرضي للشخص أو الأسرة، يشير إلى إمكانية حدوث تحور ضار في جينيْ BRCA1 أو BRCA2".
ورغم أن ذلك يعني أن تلك الفحوص ستشمل الرجال المصابين بالنمط العدواني من سرطان البروستاتا، فإن المشكلة تبقى في أن كلا البلدين، يفتقران لخطة وقاية يُعتد بها في هذا الصدد، ويجري تنفيذها بالفعل على أرض الواقع.
وتقول جولي نانجيا إن من بين الخطوات الرئيسية اللازمة لوضع مثل هذه الخطة، تغيير المفهوم الخاطئ السائد بين العامة، الذي يفيد بأن طفرات وتحورات جينيْ BRCA1 و BRCA2، تزيد مخاطر الإصابة بالسرطان لدى النساء وحدهن.
وقد يُصحح هذا المفهوم بوتيرة أسرع، إذا أوصى عدد أكبر من الأطباء، بإجراء اختبارات جينية، للأشخاص المعرضين لخطر الإصابة بالسرطان. لكن كثيرا من الأطباء المسؤولين عن تقديم خدمات الرعاية الصحية الأولية، يشعرون - للأسف - بعدم ارتياح للتوصية بشيء ما، ربما لا يعرفون كيفية تفسيره بوضوح لمرضاهم.
من جهة أخرى، ربما لا يكون من السهل تحديد من هم الأشخاص المعرضين أكثر من سواهم لخطر الإصابة بسرطان البروستاتا. ويتطلب الأمر في البداية - كما تقول نانجيا - برسم ملامح التاريخ المرضي لأسر هؤلاء بشكل شامل.
وتشير نانجيا هنا إلى ما تقوم به في هذا الصدد خلال ممارستها لعملها في كلية بايلور للطب في مدينة هيوستن، إذ تطلب وزملاؤها العاملون معها من المرضى تذكر التاريخ المرضي لثلاثة أجيال سابقة لهم سواء من جهة الأب أو الأم. إذ أن الخطر لا يكمن في وجود هذه الاختلالات الجينية لدى قريب مباشر لك، بل يمكن أن تتأثر بوجودها عند أحد أجدادك، أو لدى عمة والدك أو والدتك.
لكن القدرة على الاعتناء بكل هذا التفاصيل، قد لا تتوافر في كل المراكز والمنشآت الطبية. فـ "آني" ابنة "بيت باسانيسي" مثلا، تقول إن العيادة التي تتردد عليها، لا تُدرج خانة للأقارب الذكور ممن أصيبوا بسرطان الثدي، في استمارة التاريخ المرضي لأسرة المريض، وهو ما يسبب لها مشكلة، في ضوء أن قريبها الذي أصيب بذلك المرض، هو والدها.
ومن شأن وجود أوجه قصور مثل هذه، عرقلة عملية جمع المعلومات اللازمة في هذا الإطار بشكل روتيني، وهو ما يعني أن الكثيرين لن يكونوا على دراية بالمخاطر الجينية التي قد تواجههم.
في الوقت نفسه، أدى انخفاض تكلفة إجراء الاختبارات الجينية وتزايد فرص توافرها، إلى تشجيع عدد أكبر من الناس على السعي لاستكشاف المخاطر، التي قد تواجه صحتهم على هذا الصعيد. فالآن بات بوسع أي شخص أن يفحص مئات من المتغيرات الجينية الموجودة في حمضه النووي، بتكاليف لا تزيد عن 250 دولارا أمريكيا، ودون أن يضطر لانتظار تحويله من طبيب لإجراء هذا الفحص، وبصرف النظر عن التاريخ المرضي لأسرته.
لكن إجراء الاختبارات الجينية على هذه الشاكلة لا يخلو من جوانب سلبية. فلضمان الحصول من خلالها على نتائج كاملة ودقيقة لا يمكن إساءة تفسيرها، يجب أن تُجرى تلك الاختبارات بتوصية من أخصائي جينات موثوق به، وأن تحلل نتائجها من جانب هذا الخبير كذلك.
ونظرا لأن الشركات التجارية التي تقدم الخدمات الخاصة باختبارات من هذا القبيل، لا تخضع للقواعد الطبية المُنظمة لذلك بشكل صارم، يشيع حدوث أخطاء في النتائج. بجانب ذلك، ثمة تساؤلات تتعلق بمدى الأهمية التي يجب أن نوليها لتلك النتائج، باعتبار أن وجود جين مرتبط بمرض معين لديك، لا يعني بالضرورة أنك ستصاب بهذا المرض.
غير أن هناك بعض الشركات، التي تقدم لك المشورة الطبية الخاصة بنتائج الاختبار، الذي وفرت لك فرصة إجرائه. ورغم أن نانجيا تعتبر ذلك خطوة إلى الأمام، فإنها لا تزال تتوق إلى يوم تتوافر فيه في مختلف نظم الرعاية الصحية على مستوى العالم، اختبارات وفحوص جينية مجانية تخضع لقواعد طبية صارمة، وتُقدم المشورة الطبية للمريض بالترافق مع نتائجها، ويتم إجراؤها بغض النظر عن التاريخ المرضي للشخص الراغب في الخضوع لها.
ومن المثير للاهتمام، أن المعهد الوطني للسرطان في الولايات المتحدة، بدأ بالفعل إجراء دراسة حول فرص نجاح إجراء الاختبارات الجينية بهذه الطريقة.
وفي كل الأحوال، يؤدي رصد المؤشرات الجينية التي تفيد بوجود خطر للإصابة بالسرطان - من قبيل حدوث تحورات لجين مثل BRCA2 - قبل تكون الأورام السرطانية بالفعل، إلى منح الفرصة لأشخاص مثل "آني" للحياة بصحة أفضل لوقت أطول.
في نهاية المطاف، يقول بيت والد آني: "أشعر - من جهة - بقدر من الذنب وتأنيب الضمير لأنني نقلت هذا الجين إلى ابنتي، لكنني من جهة أخرى، أحس بالامتنان لأنها تعرف الآن التفاصيل الخاصة بهذا الجين الذي تحمله في حمضها النووي. وهذه المعرفة، تعطيها الفرصة لأن تبقى متيقظة ومتنبهة، ولأن تجد الأشخاص المناسبين، للانضواء تحت لواء فريق الرعاية الطبية الذي يعتني بحالتها".