JORDATA Health Portal - أدوية ضد السلاح الكيماوي

يقوم الجيش الأمريكي حاليا باختبار إنزيمات جديدة تدعى "باراأوكوسيناسيز" لمعرفة إذا ما كان من الممكن استخدامها لحماية القوات المقاتلة خلال المعارك العسكرية. وهذه التقنية الجديدة لا زالت تحتاج إلى أعوام من الدراسة والتطوير. وربما تستخدم هذه الإنزيمات على شكل سائل يرش بغرض تطهير الأشخاص والأماكن التي تعرضت لغاز الأعصاب. و باراأوكوسيناسيز من الخيارات التي يعمل عليها العلماء في مجال تطوير عقاقير ما قبل العلاج، حيث أنها تدمر كليا الفوسفور الذي تبنى عليه الغازات التي تستهدف الأعصاب، مثل غاز السارين، وهو الغاز الذي استخدم في الهجوم على محطات المترو في اليابان في آذار عام 1995.

وقاية مستمرة

ولا تعمل أي من المضادات التي يستخدمها الجيش، أو يعمل على تطويرها، بهذه الطريقة.
فالمضادات الأخرى المعروفة تعمل على تعطيل الفوسفات في الغاز حتى تمنعه من التسبب في أي أضرار وذلك عن طريق الالتصاق به، الا ان هذه الإنزيمات تستهلك بالتصاقها بجزيئات الفوسفور في الغاز.
بينما تعمل باراأوكوسيناسيز على كسر جزيئات الفوسفات في غاز الأعصاب، وتستمر في العمل حتى بعد تعرضها أكثر من مرة لغاز الأعصاب ما دامت هذه الإنزيمات موجودة في مجرى الدم.
وقال دكتور ديفيد لينز، من معهد الأبحاث الطبية التابع لسلاح الحرب الكيماوية في الجيش الأمريكي في ميريلاند، لبي بي سي إن الجيش الأمريكي يقوم حاليا بإجراء اختبارات على باراأوكوسيناسيز لمعرفة إذا ما كان من الممكن أن تتحول إلى أدوية يمكن إعطاءها للقوات الأمريكية التي تعمل في مناطق تتعرض لخطر الهجوم بغاز الأعصاب.
وقال دكتور لينز: "نحن نحاول تطوير بروتينات من أصل بشري يمكن تقديمها للناس على شكل عقاقير، سواء كمضادات أو أدوية للعلاج".
وقال: "سيكون بمقدور هذه العقاقير البقاء في مجرى الدم، وتدمير السموم قبل أن تتمكن من إحداث ضرر ما، ولذلك نهتم بدراسة باراأوكوسيناسيز من هذا المنطلق".

تقدم ثلاثي الأبعاد

وقع هجوم على شبكة الانفاق عام 1995
وقام جويل سوسمان، وإسرائيل سلمان، ودان توفيق وزملاؤهم في معهد وايزمان في ريحوفوت بإسرائيل، بشرح تركيب الباراأوكوسيناسيز بون1 في أول مؤتمر علمي دولي عقد لدراسة باراأوكوسيناسيز في آن آربور في الولايات المتحدة.
وقال بروفيسور ساسمان: "عندما يوجد لدينا شرح ثلاثي الأبعاد لباراأوكوسيناسيز يضعنا على نقطة البداية لتعديل بعض المجموعات في المنطقة النشطة، واختبار تأثيرها على الغازات الأشد سمية".
ويعتقد العلماء أن العقاقير المبنية على أساس جزيئي يمكن أن تطرح في وقت قريب على العامة.
ومن الممكن أن تعمل المضادات الإنزيمية والأدوية المعالجة بنفس المبدأ الذي يعمل به علاج الاستبدال الإنزيمي، وهو العلاج الذي يستخدم لعلاج الخلل في التأيض الذي يطلق عليه اسم مرض جاوشر.
ومن الممكن أن يتم تناول العقار عن طريق الحقن، ومن الممكن أن يبقى في مجرى الدم لساعات وربما لأيام.

السيطرة العامة

ولكن مبدأ الانتشار غير المسيطر عليه للأدوية المضادة لغاز الأعصاب بين المدنيين، لا زال قضية تثير قلق بعض الخبراء.
وقالت الدكتورة سالي ليفيسلي من مستشارية نيو ريسك الأمنية في بريطانيا: "عندما يعطى الناس عقاقير يتناولونها بأنفسهم، فأغلب الظن أنه سيتناولون منها جرعات زائدة، إذا ما توقعوا وقوع هجوم".
وقالت: "يجب أن يكون هناك شيء ليس عالي السمية، وفي حالات الهجمات المكثفة، من الممكن أن تؤدي الجرعة التي يتعاطاها الجنود إلى آثار جانبية، ولكنهم سيظلون على قيد الحياة، فالجنود جماعات أكثر انضباطا من المدنيين في أوقات السلم الذين يمكن أن يتعاطوا العقاقير بكميات زائدة عن الحاجة".
وأضافت الدكتورة ليفيسلي أنه ليس من المستغرب أن يسيء المدنيون استخدام مهمات عسكرية.
خبرة سابقة من الإنسولين
وقال دكتور سلمان مفسرا: "عندي مبرر لماذا يجب أن يكون هذا الدواء مختلفا عن أي دواء آخر، فصعوبة استخدام هذه الأشياء تكمن في وجوب توافقها مع الجهاز المناعي للجسم، ولكن هذه الصعوبة لا تمثل استحالة".
ووضح دكتور سلمان أن الإنسولين الذي يمكن أن يكون قاتلا إذا ما زادت جرعته عن الحد، يستخدمه مرضى السكر بأنفسهم.
وقالت الدكتورة سالي ليفيسلي إنه يوجد سباق مع الزمن من أجل صنع عقاقير وقائية ضد غاز الأعصاب يستخدمها العاملون في مجال خدمات الطوارئ الذين قد يضطرون للتعامل مع هجمات مكثفة بالأسلحة الكيماوية.
وقال البروفيسور أليستر هاي، المتخصص في الأسلحة الكيماوية في جامعة ليدز البريطانية: "مشكلة غاز الأعصاب هي أنه يعمل بسرعة كبيرة، فالغازات التي تقوم على الفوسفات تعمل بسرعة في حالة استنشاقها، ولكن الأمر ليس على نفس القدر من السرعة إذا كان التعرض عن طريق الجلد".
وقال: "فيجب أن تكون موجودة في الدم لفترة مناسبة لتكون فعالة، وما يجب عمله هو منع دخولها إلى الجسم عن طريق استخدام أقنعة وسترات واقية جيدة، وهذا هو ما يجب التركيز عليه".